( أحمد منيب ) اسمه وحده يكفي لأن يترك في عقلك ووجدانك تراثاً فنياً يدغدغ مشاعرك ويجعلك ترجع إلي الجذور .. جذور الأرض السمراء الغنية بالذهب الروحاني الذي يتملكك من أعلي رأسك حتى أخمص قدميك .. ليس بالضرورة أن تكون نوبياً حتى تعيش في ألحان هذا الرجل الذي يجبرك أن يحيا بداخلك، ليس من الضروري أن تكون من الجنوب، بل ليس من الضروري أن تكون مصرياً لكي تشعر به، فهو يخاطب فيك الإنسان وهذا الإنسان يعلو بك من ضيق العين إلي سعتها لتتعمق من خلال إنسانيتك في نوبيتك وجنوبك ومصريتك وهويتك العربية، هو الإنسان الذي عزف له أجمل الألحان :لا يهمني لونك مكانك .. يهمني الإنسان حتى لو ملوش عنوان .
استطاع أحمد منيب أن يأتي بمفردات ألحانه النائية في أرض النوبة الخصبة ليغزو سماء القاهرة ويفتح الطرق أمام أهم مطربي مصر «محمد منير» الذي غني له سبعة وثلاثين لحناً، مازالت كالدرر يحفظها كل عشاق الفن الأصيل .
ومنها أم الضفاير واتكلمي وشجر الليمون والليلة يا سمرا، وحدوتة مصرية، وعروسة النيل، وفي دايرة الرحلة، ليس محمد منير وحده من استفاد من عبقرية هذا الرجل ولكن أيضاً عدد كبير من أبناء جيل الثمانينيات مثل حميد الشاعري وإيهاب توفيق ومحمد فؤاد ... وآخرين .
رحم الله أحمد منيب صاحب اللحن المرهف والحس الرقيق، الإنسان أصيل المعدن ابن الجنوب الذي استطاع إمتاع أهل الجنوب وأهل الشمال .
أحمد منيب ، الساقية التي لم تتوقف يومياً عن الدوران من أجل أحبائه، أحمد منيب الذي مازال في القلوب شمعة مضيئة رغم السنوات الطويلة التي مرت علي رحيله.