عادت السودان إلى قلب الشأن المصرى حينما لعب فريقنا الوطنى مباراة فاصلة فى الخرطوم فى تصفيات كأس العالم فى الثامن عشر من نوفمبر الماضى، وباستثناء ما صاحب المباراة من أحداث، لا يهتم المصريون كثيراً بما يجرى فى السودان من أحداث سياسية غاية فى الأهمية.
السودان مقبل بعد شهرين على انتخابات رئاسية وبرلمانية هى الأهم فى حياة هذا البلد، ولا يستطيع أى مراقب أو متابع للشأن السودانى التكهن بشكل دقيق بما ستحدثه هذه الانتخابات من تغييرات سياسية، وبعد عام بالتمام والكمال سيكون السودان على موعد مع استفتاء مصيرى، حيث سيصوت أهل الجنوب على تقرير المصير ليختاروا بين البقاء ضمن الدولة السودانية أو الانفصال وتأسيس دولة جديدة فى جنوب السودان.
ويخطئ من يتصور أن هذه الأحداث تخص أهل السودان وحدهم، بل أزعم أنها تؤثر علينا كما تؤثر عليهم، خاصة فيما يتعلق بتقسيم مياه النيل وحصة الدولة الجديدة فى الجنوب ومدى تأثيرها على حصة مصر والسودان من المياه.
وأعتقد أننا فى مصر ارتكبنا خطيئة كبرى حينما حصرنا حياتنا داخل حدودنا الجغرافية، ومن يعرفون التاريخ والجغرافيا جيداً يدركون أن أمن مصر القومى لا يبدأ من أسوان، وإنما من أقصى جنوب السودان، أو حتى من منابع النيل، وما ربطنا بالسودان على مدار التاريخ أكبر من مجرد علاقات سياسية، فهى علاقة دم وحياة وتاريخ ويفترض أن تكون علاقة مستقبل أيضاً.
ولأن السودان بغاية الأهمية لكل مصرى فسأظل ما حييت أدعو كل المصريين إلى معرفة السودان، فتاريخنا يبدأ من هناك، ومستقبلنا يتوقف على كل ما يدور على أرض السودان، وأعتقد أن معرفة السودان والتفاعل مع ما يحدث على أراضيه فرض عين على كل مصرى.